قبل أن ننهش بعضنا!

تركى الدخيل
صحيفة عكاظ

من البدهي وصف الحرية بأنها يجب أن تحمل وجه المسؤولية. لا توجد حرية في العالم خارج حدود المسؤولية الفردية والمحاسبة القانونية. حدود حريتك تنتهي عندما تتعدى حريات الآخرين. في «تويتر» ووسائل التواصل الاجتماعي تنشط الخلايا الحركية، والدوائر المرتبطة بالنشاط والحرب على المخالف، ومن ثم تبدأ التهم تطلق سدى من دون حسيب ولا رقيب. مع أن نظام الجرائم المعلوماتية، وبعض مواد نظام الإرهاب، والأمر الملكي الأخير متوجا بقرار اللجنة المشتركة برئاسة وزارة الداخلية كلها أحاطت هذا الفلتان بسياج قانوني يتطور يوما بعد يوم.
كان ذلك مهما، فأعراض الناس وأسماؤهم وأشخاصهم محفوظة بقوة القانون، ومن يخطئ يحاسب، والتعويض قد يصل إلى نصف مليون ريال، فلينتبه المغرد العاطل الذي يستهدف الناس بلسانه، فالضربة القانونية كبيرة.
الخبير التقني أنس السلمان قال لـ«الحياة» إن نظام: «معمل التحقيق الرقمي والجنائي ومراقبة وضبط الإعلام التقليدي والجديد يتيح التوصل إلى النقطة الأولى لأي حدث، سواء أكان في الوسائل التقليدية أم الجديدة، من خلال الإمكانات الرقابية التي يتمتع بها، ومنها قدرته على قراءة 13 لغة، مع تزايدها باستمرار، و570 لهجة عربية، و278 لهجة سعودية، بحيث يتمكن من تصنيف المفردات بناء على معانيها، ليتم بعد ذلك إعطاء إشارات تنبيه للجهاز الأمني الحكومي بوجود خطر ما تم رصده في مواقع التواصل الاجتماعي»!
هذا التوجه نحو استخدام مثل هذه التقنية بات ضرورة مع ازدياد الاختراقات الأمنية، والتعديات الشخصية، فالملحوظ زيادة نبرات الناشطين في التعدي على القيم والأسس التي تكون عليها المجتمع من احترام للكبار وللقادة وللمسؤولين، تحت نفس نضالي طفولي آخذ بالازدياد بفعل موضوع «الإتاحة» التي تقدمه التطبيقات على أجهزة الهواتف الذكية.
نظام تصنيف المعلومات ومتابعة المغردين الخطرين وملاحقتهم قانونيا ضرورة للدولة وللأمن الاجتماعي، وهو فعل مدني، فالحرية مسؤولية، وليست بهيمية، تعتمد على شريعة الغاب، حيث ينهش الكل جسد الكل بلا ضوابط.